Archives pour la catégorie ََPouvoir

خطبة السيدة عائشة رضي الله عنها في الانتصار لأبيها

 

a9w10806

اَلْمَرَاجِع : صِفَةُ اَلصَّفْوَة للإمام ابن الجوزي و الرياض النظرة للطبري ونهاية

الأرب في فنون الأدب للنويري

 

 عن هشام بن عروة قال : بلغ عائشة رضي الله عنها أن أقواما يتناولون من أبي

بكر رضي الله عنه فأرسلت إلى أزفلة (نخبة) منهم. فلما حضروا سدلت أستارها

وعلت وسادها ثم دنت فحمدت الله تعالى وصلّت على نبيه محمد صلى الله عليه

وسلم وعذلت وقرعت (لامت وعاتبت). ثم قالت 

 

 أبي وما أبيَهْ ، أبي والله لا تعطوه الأيدي (تناوله) ، ذاك طوْدٌ مُنيف (الجبل

المشرف)، وفرع مديد ؛هيهات كذبت الظنون، أنجح إذ أكديتم (خبتم ويُئِس من

خيركم ومنعتم العطاء)، وسبق إذ ونيتم (فترتم وتكاسلتم) ؛ سبْق الجواد إذا استولى

على الأمد (الغاية والهدف) ، فتى قُريشٍ ناشئاً ، وكهفها كهلاً ، يفكُّ عانِيَها ،

ويَريشُ مُمْلِقَها (يُعطي ويُفضل الفقير) ، ويَرْأَبُ شَعْبَها (يجمع المتفرق) ، ويلمُّ

شعثها ، حتى حَلِيَتْهُ قلوبها ، ثم استشرى في دين الله (جَدَّ) ، فما برحت شَكيمتُه

(الأنفة والحمية) في ذات الله عز وجل حتى اتخذ بفِنائه مسجدا يُحيي فيه ما أمات

المبطلون ، وكان رحمه الله غزير الدمعة ، وَقِيذ الجوانح (رقيقا ذو عاطفة جيّاشة)

، شجيَّ النَّشيج (الحزين ، صوت البكاء) ، فانقضت إليه نُسْوانُ مكة ووِلدانها

يسخرون منه ويستهزؤون به  » الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون  »

،فأكبَرَتْ ذلك رجالات قريش (جمع الجمع للإستكثار) ، فحَنَتْ له قِسِيَّها ، وفوَّقت له

سهامها (صوبت) ، وانتثلوه غرضا (نصبوه هدفا لسهام ملامهم وأقوالهم) فما فلّوا

له صفاةً (الصخرة الملساء) ، ولا قصفوا له قناةً (كسروا) ، ومرَّ على سيسائه

شدة أمره، السِّيساء : عظم الظهر) حتى إذا ضرب الدِّينُ بجِرانِه (الصّدر) ، وألقى بَرْكه ، ورستْ أوتاده ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً ، ومن كل فرقة أرسالاً

وأشتاتاً ، اختار الله لنبيِّه ما عنده ، فلما قُبِض صلى الله عليه وسلم نصب الشيطان

رِواقَه (الخيمة) ، ومدَّ طُنُبَه (حبل الخيمة)، ونصب حبائله ، وأجلب بخيله ورجله،

واضطرب حبلُ الإسلام ، ومرِجَ عهده ، وماج أهله (اختلفوا وتنازعوا)، وبُغيَ

الغوائلُ (البلايا والفتن) ، وظنَّت رجال أن قد أكثَب نَهْزُها (انتهاز الفرصة

واختلاسها) ، ولات حين الذي يَرجون ، وأنّى والصِّديق بين أظهرهم ؟ فقام حاسرا

مُشمِّراً ، فجمع حاشيتَيْه ، ورفع قُطْرَيه (تحزَّم للأمر وتأهَّب له) ، فردَّ رَسَنَ الإسلام

على غرْبِه (أعاده إلى ما كان عليه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، ولَمَّ

شَعَثَه بطبِّه (الدواء) ، وأقام أَوَدَهُ (العِوَج) بثِقافه (تقويم الرماح) ، فاندفر النفاق

بوطئه (تفرق) ، وانتاش الدين (أي أزال عنه ما يُخاف عليه) فنعشه (رفعه) ، فلما

أراح الحقَّ على أهله (أعاد الزكاة التي منعتها العرب فقاتل عليها حتى رُدَّت) ،

وقرّر الرؤوس على كواهلها (وقى المسلمين القتْل) ، وحقن الدماء في أُهُبها

(أجسادها ، الأهب : الجلد) ، أتته منيَّتُه ، فسدَّ ثُلمتَه  (الكسر) بنظيره في الرحمة ،

وشقيقه في السيرة والمَعدلَة (الاستقامة ومجافة الظَُلم) ، ذاك ابنُ الخطَّاب ، لله دَرُّ

أم حَفَلت له (جمعت له اللبن) ، ودرَّت عليه ، لقد أوحدت به (جاءت به منفردا لا

نظير له)ففَنَّخ الكفرة (أذلها) ودَيَّخها (صغَّر بها) وشرَّد الشرك شذرَ مذرَ (تفريقاً ،

يقال : شذر مذر، وشغر بغر، بمعنى واحد) ، وبعج الأرض وبخعها (شقها  

واستقصى غلَّتها) ، فقاءت أُكلها (أخرجت خيرها) ، ولفظت خبيئها ، ترأَمه(تُغريه 

ويصدف عنها ، وتصدَّى له ويأباها ، ثم وزَّع فيها فيئها ، وودعها كما صحبها ،

فأروني ماذا تريبون ؟ وأيَّ يومي أبي تنقمون ؟ أيوم إقامته إذْ عدل فيكم ، أم ظعْنه

فقد نظر لكم ؟ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

 

ثم أقبلت على الناس بوجهها فقالت : أنشدكم الله ، هل أنكرتم مما قلت شيئا ؟ قالوا :

اللهم لا